بائع البرتقال
انت في الصفحة 1 من صفحتين
بائع البرتقال..
كنت لا ازال في أول مشوار الدراسة الجامعية ...سنوات مرت... سنوات كئيبة وتحمل بين أيامها الحزن....إستأجرت غرفة صغيرة في المدينة لأنام فيها وأتابع دراستي..والدي موظف أرسلني لمتابعة دراستي ويأمل بأن أصبح طبيبا وينسى سنوات الشقاء..ويمازحني قائلا هيا إجتهد وكن طبيبا لتعالجني مجانا... ويبتسم...إبتسامة أشعر بها كل الحزن ومغلفة بشيء من الدعم. أنا اشتاق اليه الأن....كل يوم صباحا أذهب للجامعة سيرا لتوفير بعض المصاريف...وفي طريقي ألتقي بائع البرتقال على طرف الرصيف ..كان قد عرض بضاعته الطازجة مع ميزان نحاسي قديم لكن ترى بين كفتيه الصدق والعدل... وهو عبر ابواب الثمانين وخط الشيب شعره الذي يخفيه تحت قبعة صوف اعتقد لازمته بكل الفصول... وفي وجهه كل البشاشة والطيبة...وتجاعيد تركت الايام أثارها عليه... وبأبتسامة حنونة ابوية وبعينان تتقد ذكاء يكاد ينبعث منها أمل ضعيف...كل يوم ألقي عليه السلام فيرده بصوت قوي مبتسم .. حتى أعتدت رؤيته يوميا واشتري منه حبات من البرتقال الطيب مع تفاحتان ينتقيها لي خصيصا ويسقيني بعض من العصير ...ويقول خذ أشرب انك بحاجة لتغذية لتتابع دراستك... وستنجح...احببت كلامه ...وقصصه واخبار من الزمن الجميل...اجلس عنده على صندوق خشبي ويحادثني ويروي لي اجمل الذكريات ..إلا أنه يتوقف عن السرد عندما نآتي على ذكر عائلته....يسكت... ويطغى على وجهه مسحة حزن...ينهي كلامه بدمعة خفية ويبتسم ويعطيني تفاحة ....وأذهب...انا توددت أليه واصبحت اشعر ببعض من الحنان الابوي...كل يوم صيفا مكانه مع الثلج والعصير شتاء مع بعض الحطبات المشټعلة في صفيحة من التنك تكاد تكون المدفأة .. يوما سألته بعد ان استجمعت شجاعتي وبأصرار... عمي كريم اين زوجتك اولادك مسكنك الاساسي...اين عائلتك اين تنام.. نظر إلي بحدة...وعقد مابين حاجبيه .. وسكت بعد ان زفر زفرة عميقة....وقال قم إلى منزلك بدأت السماء تمطر...هيا لديك دراسة...وشهادة...وانا انتظرك...وانتظر نجاحك...وبجدية أمرني بذلك ...قمت حزينا مفكرا بعمي كريم وكلماته .... اصبحت أمر قربه كل يوم واراه حزينا وانا لا استطيع محادثته...مرت الايام وصيفا وشتاء.. وكل
الفصول وكل السنوات ..وتخرجت واصبحت طبيبا ...ونجحت وانتقلت وتغيرت كل حياتي ....ولم استطع