لهيب الروح بقلم هدير
انت في الصفحة 1 من 55 صفحات
رواية لهيب الروح بقلم هدير دودو
لهيب الروح بقلم هدير دودو
في الصباح..
زحفت رنيم أرضا والدموع تنهمر فوق وجنتيها پقهر وحسرة قدميها لم تتحمل الوقوف عليهما وصلت نحو المرحاض وبدأت تزيل عنها ملابسها البالية اغمضت عينيها بضعف شديد تجاول أن تقف أسفل المياة لعلها تهدئ من الألم الذي يعصف بها نجحت في النهاية بعد عدة محاولات أن تقف أسفل المياة الساخنة لتخفض من الآم چروحها الجديدة.
ارتدت فستان من اللون الأسود طويل يصل إلى كاحليها ذو أكمام تغطي ذراعها بأكمله لا تريد أن تظهر أي أنش في جسدها
نزلت من الغرفة ببطء تحاول أن تتجاهل الالم الذي تشعر به فأصبح يلازمها دائما لا يوجد شئ جديد قد اعتادت على هذا الألم.
أهلا وسهلا يا طنط عاملة ايه
بادلتها جليلة والدة جواد ابتسامتها ونهضت قامت باحتضانها مردفة ترد عليها به بهدوء
الحمدلله يا حبيبتي أنت عاملة إيه
همهمت بخفوت تجيبها وهي تأومأ برأسها إلى الأمام تحت نظرات مديحة _والدة عصام زوجها_ التي كانت ترمقها بنظرات غاضبة يملأها الكره
الحمدلله كويسة..
لم تستطع أن تتحدث مع جواد بسبب نظرات مديحة لها التي أربكتها فصمتت بعد ذلك وتوجهت تجلس فوق الأريكة إلا أنه فاجأها وفاجأ الجميع عندما تخلى عن صمته الذي كان يلتزمه طوال جلسته معهم وغمغم متحدثا معها جدية وخشونة يظهرها أمامهم وهو يطالعها ببنيتيه بنظرات شغوفة لم يفهمها سواه
ابتسمت ابتسامة سعيدة من احترامه لها وطريقته معها المختلفة لم تجد أحد يتعامل معها بتلك الطريقة من قبل تمتمت ترد عليه بخفوت
الحمدلله أنا كويسة..
لم تتحدث أكثر من ثلاث الكلمات تلك التي تفوهت بهم للتو لكن أروى شقيقة زوجها لم يعجبها ما حدث لذلك تطلعت نحو والدتها پغضب عارم وقد بدأت نيرانها تشتعل بداخلها فهمت والدتها ما تريده فاومأت برأسها إلى الأمام تخبرها أن تهدأ ولا تبدي ڠضبها.
وجهت مديحة بصرها نحو تلك التي كانت تجلس على الأريكة وأردفت بحدة وعجرفة مشيرة لها بسبابتها بتقليل وهي تضع ساقها فوق الساق الأخر
اجتمعت الدموع داخل مقلتيها بحزن من اهانتها أمام الجميع لكنها لم تستطع أن ترد عليها فابتلعت تلك الغصة القوية التي تشكلت داخل حلقها ونهضت بالفعل كما قالت لها متمتمة بخفوت ونبرة شبه باكية
ح...حاضر يا طنط أنا اسفة ليكم.
أنهت جملتها ونهضت تاركة إياهم خلفها بينما هو كان منتبه معها بشدة شعر بالڠضب من زوجة عمه لما فعلته معها ومن إحراجها لها أمام الجميع
تنهدت بغيظ من تجاهله الشديد لها وتحدثت متسائلة مدعية الأهتمام بشأنه
قاعد ساكت يعني يا جواد عامل إيه وشغلك عامل إيه فيه
رد عليها بجدية ورسمية شديدة من دون أن يرفع بصره بها
الحمدلله كويس وشغلي كويس تمام.
التقطعت أنفاسها بصوت مرتفع لعلها تتحكم في انفعالاتها من طريقته الحادة معها وتمتمت تتحدث مجددا وهي تبتسم باقتضاب
كويس أنك جيت أنت ومرات عمي بقالكم كتير مجيتوش عمي وسما اختك بس هما اللي بيجوا.
اومأ برأسه إلى الأمام وأردف متحديدة لاعنة إياه بطريقته تلك معها تمتمت بمرح لعلها تعدل الاجواء المتوترة بينهما
عارفة إنك مشغول اكيد بس كدة مش بتسأل عليا خالص دة أنا بنت عمك حتى.
قطب جبينه بضيق من تعاملها معه وثرثرتها التي بلا فائدة ورد بحدة بعض الشئ
اه طبعا بنت عمي واختي الصغيرة كمان زيك زي سما حقيقي معلش متزعليش بس مش ببقى فاضي.
ظلت تسبه وتلعنه سرا هل يشبهها بشقيقته بعد كل ذلك وما تفعله لتجذبه نحوها فعلت العديد من المحاولات يقول لها في النهاية أنها مثل سما تحدثت بغيظ وتهكم ساخرا
زي سما
أه اختك..
اصطنعت ضحكة مزيفة أمامه وكادت تتحدث مجددا لكنه قطعها عندما صدح رنين هاتفه فأردف في عجلة ودون اهتمام بها
هقوم أرد على
موبايلي عن أذنك.
تنفس بصعداء ما أن نهض من امامها وأنهى جلسته معها التي لا يريدها هي تعلم ذلك والجميع أيضا يعلمون لكنهم يفعلون محاولات بلا جدوى.
وقف يرد على هاتفه وهو يضع يده داخل جيب سترته وقف متحدثا يرد بشموخ
تمام يا حسام هاجي أشوف أنا الحوار واخلصه خلاص متدخلش فيه.
استمع الى رد الجهة
رنيم
طالعته بابتسامة خاڤتة فوق وجهها ذو ملامحه الجذابة الساحرة التي حتى الآن وبالرغم من كل ما يحدث لها وافتقداها لروحها لم تفتقدهم
نعم يا جواد باشا في حاجة
قطب جبينه بعدم رضا
من اللقب التي تردفه له مع اسمه ابتسم وغمغم قائلا لها ببساطة وسعادة يشعر بها معها
لا باشا إيه جواد بس هو احنا في القسم بعدين مفيش حاجة أنا بس كنت عاوز اقولك متزعليش من اللي مرات عمي قالتهولك قدامنا عشان عارف أنك زعلتي هي طريقتها كدة أنت عارفاها اكيد مش محتاجاني أقولك.
ابتسمت بسخرية وۏجع في آن واحد هل يخبرها بألا تحزن وتنزعج هل يوجد من يهتم لحزنها وأمرها هي قد تناست كلمة الأهتمام وحذفتها من قاموسها بدأت قاموس جديد في حياتها يملؤه الۏجع والقهر الحزن والألم الضعف والبكاء...لكن الأهتمام وما يفعله هو الآن معها لا فقد تناسته تماما.
سارت من أمامه بخطوات واسعة شبه راكضة تريد أن تختفي من أمامه مسرعا..
اندهش من تصرفها المفاجئ الذي باغته لكن سار هو الاخر نحو الداخل وغمغم لوالدته بهدوء
يلا يا ماما كفاية كدة عشان مش فاضي.
تحدثت مديحة معترضة متمسكة بهما
إيه دة ليه ما تخليكم هو انتو لحقتو تقعدوا روح اقعد مع أروى واستنى عصام على ما يجي.
شحب وجه تلك الواقفة على المصعد عندما استمعت إلى اسم عصام يدوى داخل أذنيها شعرت بقلبها يعتصر داخل قفصها الصدري والخۏف بملؤه تبغضه وتبغض عودته إلى المنزل عينيها لا تريد رؤيته و
متمسكة بيه ولا إيه.
جلست والدتها بجانبها تربت فوق كتفها تعمل على تهدئة ابنتها المدللة
خلاص يا حبيبتي اهدي أنت بس وهو هيجي هيجي هو يطول حتى دة هيجيلك راكع وبكرة تشوفي أمك قالت والبالة اللي فوق دي انا هتصرف معاها وعصام جاي كدة كدة هتاخد نصيبها طالما غايظاكي هو احنا عندنا كم أروى ما عاش ولا كان اللي يضايقك ويزعلك.
هدرت الأخرى بغيظ تقلده بطريقة ساخرة يملأها المكر والحقد
أنت زيك زي سما...أنا زي سما يا ماما بيقولي إني أخته هو شايف نفسه على إيه دة.
اتسعت عيني والدتها وتمتمت بخبث ماكر يشبه نواياها الداخلية التي زرعتها في نفوس ابنائها
هتعرفي تربيه وهيجيلك لحد عندك اهدي أنت بس واتفرجي على اللي أمك حبيبتك هتعمله.
ظلت تخطط مع ابنتها في الوصول لجواد وكيفية الإيقاع به ليصبح في النهاية تحت سيطرتها تكون ابنتها سعيدة معه لكنها تناست أمر هام هو طبيعية شخصية جواد الصارمة الحادة التي مهما فعلت لن تستطع أن تسيطر عليه ولا أحد يقوى على فعلها...
في المساء..
عاد عصام إلى المنزل كان مثل عادته اليومية ثمل كان سيتوجه إلى أعلى حيث توجد هي ليفرض سيطرته وقوته عليها لكنه تفاجأ بوالدته التي كانت تجلس في انتظاره مع شقيقته تحدثت والدته بجدية مشيرة له بيديها أن يقف أمامها
عصام استنى تعالى هنا عاوزينك في حاجة أنا وأختك بخصوص الوسة اللي مرمية فوق دي.
سار على مضض متوجه صوب والدته كما أشارت وغمغم بخشونة وعدم ترتيب لما يتفوهه
مالها اللي فوق...إيه يا ماما أنت عاوزة إيه دلوقتي.
طالعته بسخرية وعدم رضا تلوى شفتها بسخط وهتفت ترد عليه بصرامة شديدة وحدة
لأ بقولك إيه اتعدل كدة يا عصام معايا ركز في اللي بقوله أنا زي ما جوزتهالك عشان تعمل فيها ما بدالك أقدر اخفيها خالص وأنت عارفني كويس.
اعتدل في وقفته أمامها وأغمض عينيه بضيق ثم. طالعها بعدها وغمغم متسائلا بجدية
إيه ياماما في إيه وإيه اللي حصل عشان تقولي كلامك دة دلوقتي.
وزعت بصرها الحاد عليه من أعلاه إلى أدناه وتحدثت بعد ذلك بمكر وخبث
الوسة بتاعتك اللي فوق دي مزعلة أختك وخليتها ټعيط وأنت عارف كله إلا أروى ونزلت
تتمايص على ابن عمك لما جه انهاردة بسهوكتها دي إيه مش عارف تلمها وتكسر رقبتها.
شعر بالڠضب يشتعل بداخله زمجر بصوت غاضب مرتفع متحدثا بلهجة مشددة حازمة
خلاص يا امي أنا هطلع اتصرف معاها كدة كدة وهتشوفي اطلع بقى ولا في حاجة تاني
حركت رأسها بيأس وسخرية مشيرة له بيدها ان يسير من أمامها متمتمة بغيظ ساخر
روح الحق اطلع الحق أصلها هتطير ماهي متلقحة فوق كدة كدة.
أغمضت عينيها بقوة تخفي صورته من أمامهما ومن ذهنها ابتسم هو معجب بملامح وجهها التي تبدلت تماما برؤيته ضحك بصوت صاخب رنت صوت ضحكاته في أذنيها جعلتها تمنت لو أنها ألا تستمع في حياتها بدلا من أن استمع لصوت ضحكاته المقززة.
في صباح اليوم التالي..
عاد جواد إلى المنزل للتو بعد ليلة شاقة قد عمل بها العديد من الأعمال الهامة وجد الجميع يجلسون يتناولون فطورهم كان سيدلف على غرفته في صمت تام من دون أن يتحدث معهم ألا أن والدته استوقفته متمتمة بحنان
تعالى يا حبيبي افطر شكلك تعبان.
بالفعل كان الإرهاق يبدو على قسمات وجهه وعينيه بوضوح هو لم ينم من ليلة أمس وأيضا عقله الذي انشغل بتفكيره بها بعدما رآها مرة أخرى كل شئ كان يدفنه قد تجدد من جديد يشعر وهي أمامه بالعجز والضعف يريدها لكنه لم يستطع يجب أن يخفى كل ذلك بداخله ولا يريد أن يجعل أحد يعلمه تنهد بصوت مسموع يخرج من
تلك الدوامة التي بها ورد على والدته بهدوء بابتسامة سعيدة تزين ثغره
لأ يا حبيبتي افطروا انتو أنا عاوز أنام مش قادر.
كاد يسير متوجه نحو غرفته لكن استوقفه والده تلك المرة مغمغما بخشونة وجدية
تعالى اقعد عشان عاوز اتكلم معاك يا باشا.
سار جواد مقترب منهم حذب مقعد خاص بمائدة الطعام وجلس فوقه متناولا شطيرة صغيرة يطالع والده منتظره يتحدث ويردف بما لديه عندما طال انتظاره أردف متسائلا
خير يا بابا متطلع بصرامة نحو جليلة التي ادعت انشغالها مع سما ابنتها فتحدث بحدة ولهجة مشددة
بس أروى مش زي اختك يا جواد وأنت عارف كدة كويس وعارف كمان اللي اقصده.
وقف واضعا يده داخل جيب سترته متخلي عن هدوءه الذي
يصحبه