جوازة ابريل بقلم نورهان محسن
وجهها الشاحب بتعابيره الواجمة إذ لا تزال تحت تأثير صډمتها بعد أن كانت في ذروة الراحة والسعادة في الصباح فجأة في لحظة ترى كل شيء ينهار وتتحول مشاعرها إلى قلق وخوف وڠضب وتوجس مما هو قادم سيكون صعبا عليها أدرك أن حياتها انقلبت رأسا على عقب في غضون لحظات وتحولت فرحتها إلى رماد.
سقوها من كأس الأكاذيب فتلذذت بحلاوته بينما يمهدوا لها طريقا ممتلئ بالخداع وجعلوها تمشي فيه كالعمياء ولم تفكر إلى أين سيقودها هذا الطريق المهلك الحالك.
بعد مدة من التفكير
أخيرا اتخذت قرارها وهي تتجه نحو غرفة تبديل الملابس الصغيرة وأخرجت حقيبة السفر ثم حملتها إلى السرير ووضعتها فوقه وبيدين مرتعشتين أخذت ملابسها قطعة قطعة من الرفوف وبدأت في وضعها داخل الحقيبة.
انقطعت كلماته في دهشة فور رؤيته لها واقفة أمام
السرير ويداها تضعهما خلف ظهرها وراسمة الجمود على وجهها لتدحرج عيناه على الحقيبة وهو يسألها بتوجس انتي بتعملي ايه!
زم فهمي فمه بضيق رغم أنه كان يتوقع منها أن تفعل هذا الشيء حيث كان يفكر طوال الطريق إلى هنا فى ذلك بعد اتصال زوجته ثم حك حاجبه بطرف ظفره قبل أن يعلق باستفسار رغم معرفته بالإجابة مسبقا وايه المناسبة!! ناوية تروحي علي فين .. ايه عايزة ترجعي عند ستك تاني!
تجمد من ردها رافعا ذقنه وهو يمشي عدة خطوات ثم جلس على أحد الكرسيين بجوار الشرفة وسألها بصوته الهادئ مثل كنية عائلته دون أن ينظر إليها وايه طلع فكرة السفر في دماغك كدا فجأة!
استفزها لأنه يدعى عدم المعرفة وكانت واثقة من أنه لم يأتي من تلقاء نفسه فلم يكن هذا هو الوقت المعتاد لعودته من الفندق الذي يديره والحقيقة أن ملكيته كانت ملكا لزوجته.
صاحت سلمي بإستنكار عايزة تسيبي عريسك قبل الفرح بأسبوعين الناس تقول عليكي ايه
وزعت نظراتها المستنكرة بينهما في نهاية عبارتها وبدت ملامحها ظاهريا عابسة ورقيقة وحزينة مع عقدة حواجبها فيما كان صوتها مرتفعا وقويا وثابتا.
أرادت أن تظل ملتزمة بموقفها حتى النهاية رغم أنها كانت ترتجف داخليا مثل ورقة شجر متهالكة ولكن يجب أن تكون قوية فهي على حق وهم على خطأ ولن يترتب على وضوح الضعف في قسمات وجهها شيء سوى الاستغلال منهم فهي الآن بمفردها بينهم لأول مرة منذ فترة طويلة تشعر بهذا الشعور البشع فالجميع ينسجون حولها شرنقة من خيوط الحرير يحاولون تقيدها بها بكامل إرادتها لذا لن تصرخ وتبكي وهي في وضع قوة ستتعامل مع الموقف بقلب بارد قوى حتى لو كانت ضعيفة القوة وتنازع فى أعماق روحها.
توترت نظرات سلمى وتجاهلت الإجابة على سؤالها متظاهرة بالاستياء إذ هتفت بإنفعال الكلام مابيكونش كدا في اصول بنمشي عليها .. ولا هو كان كلام عيال .. ما تتكلم يا فهمي وعقل بنتك!
هدر فهمي بالكلمة الأخيرة بصوت عال إلى حد ما مشددا على كلماته وهو ينظر مباشرة إلى عينيها ليرى أن حدقة عينيها تضيقان دليل على أنها سمعت للتو شيئا لم يروق لها على الإطلاق ما كانت تخشاه دائما فكرة التقييد وفرض السيطرة على حياتها البائسة التي عانت كثيرا من أجل ترميمها وكل ما كانت تفكر فيه جدتها لتشعر بالأمان والطمأنينة التي زعزعها أقرب الناس إليها بتصرفاتهم المخيبة للآمال وفي حالة صدمة وجدت لسانها يهدر مندفعا بإنفعال مليء بالرفض يعني ايه!! هتحبسوني هنا بالعافية!
على الفور رفع فهمي حاجبيه ونظر إليها بنظرة غاضبة وصاح بصوت جدي محذر وهو يشير بإصبعه السبابة أمام وجهها كارها هذا الجدل والعناد في ردودها ابريل!! انا صبري له حدود .. كلام نهائي .. لا في سفر ولا خروج من البيت .. فرحك قرب .. ومصطفي مش عيل صغير عشان تصغريه و تصغرينا قدام الناس
نهضت إبريل من مكانها لتقف أمام والدها وأصبح تنفسها سريعا ومرتفعا لا إراديا وكلماتها نبعت من قلب مذعور مقهور لا يوجد من يسانده أو يساعده رغم أن نبرتها كانت متحشرجة تهدد بالبكاء انهي ناس دي!! انا مش صغيرة يا بابا ومش من حق حد يتحكم فيا ويقررلي مصير حياتي
استشاطت عيناه حنقا مما سمعه منها مم جعلها تجفل بقوة واستعمر الخۏف
قلبها أما وجهها كالصفحة البيضاء الشاحبة عاقدة ما بين حاجبيها تحاول كظم الألم من شدة قبضته وهو يردد بصوت عال صارم انتي اټجننتي بتعلي صوتك عليا
اضطربت دواخلها بشدة ونظرات المفاجأة تندلع من مقل عينيها الجميلتين فكانت هذه هي المرة الأولى التي تنفعل فيها بهذه الطريقة وترفع صوتها أمام والدها أو بالأحرى هى لم تتعامل معه إلا في نطاق محدود للغاية ودائما بكلمات نمطية لم تكن تعرف من أين حصلت على تلك الشجاعة والجراءة لتقول هذه الكلمات أمامه لكنها لم تستطع أن تبقى صامتة في مواجهة شيء يفرض عليها فهذا شيء لا يمكنها قبول حدوثه على الإطلاق.
أما سلمى كانت واقفة تشاهد ما يحدث بترقب وارتباك تنتظر الفرصة المناسبة للتحدث عندما رأت أنه سيفقد السيطرة على نفسه بسبب عنادها استغلت الموقف لتتدخل أخيرا مسرعة نحوه وأجبرته على تحريرها فيما خاطبته بقلق مبررة للآخرى سبب تصرفها العدائي.
ظلت تعابير فهمي المتجهمة كما هي ظاهريا لكنه أحس بوخز يستهدف أعماق صدره عندما رأى نظرة الخذلان وخيبة الأمل القوية تغمر فيروزيتيها المتلألئة بالدموع أكثر بكثير من الخۏف منه لكنه تجاهل هذا الشعور وحدجها بنفس النظرة التي تدل على نفاد صبره منها وخاطبها بلهجة مھددة اسمعي يا بنت الهام .. هتفضلي في اوضتك ومالكيش خروج منها .. مفهوم كلامي
زجرها في نهاية حديثه فأرادت سلمى أن تنهي هذا النقاش المحتدم بنبرة لطيفة تحاول امتصاص غضبه قولتلك خلاص بقي يا فهمي .. يلا سيبنا شوية مع بعض لو سمحت
بقلم نورهان محسن
فى احدي المقاهي الراقية
سوري جدا لو كنت اتأخرت عليكي يا رزان
رفعت ريهام نظارتها الشمسية عن عينيها الزرقاوين في نهاية جملتها وتبادلت رزان معها النظرات بابتسامة قائلة بترحيب لا مفيش تأخير ولا حاجة .. و اتشرفت بمقابلتك
تحدثت ريهام بإبتسامة تكلف الشرف ليا كمان يا حبيبتي
أنهت ريهام عبارتها بابتسامة وهي تجلس على المقعد المقابل للأخرى التي عادت بظهرها إلى الوراء وهي تحدق فيها بنظرات حائرة فقالت ريهام ببساطة انا عارفة انك مستغربة شوية من مكالمتي ليكي امبارح ..
أماءت رزان بالإيجاب وأخبرتها باهتمام ماخبيش عليكي فعلا استغربت شوية بس لما بحثت عن اسمك بالسوشيال ميديا لاقيت كلام كويس جدا علي شغلك واسم الاتيليه بتاعك معروف
تطلعت إليها ريهام بنظرات غامضة قبل أن تردف بتساؤل و فكرتي اكون عايزاكي بالخصوص دا مش كدا!
أنهت جملتها وهي تنظر إلى ملامح رزان الفضولية بتركيز قبل أن تدحرج عينيها إلى هاتفها الذي وضعته على الطاولة والتقطته لتفتحه باستخدام بصمة الوجه وأضافت بإيجاز شوفي انا مش هطول عليكي .. وهدخل في الموضوع اللي عايزاكي فيه دغري .. اسمعي الڤويس دا
قالت ريهام ذلك وهي تضغط على زر التشغيل فخرج صوت تعرفه رزان جيدا مم جعل عينيها تتسعان من الصدمة الشديدة لما سمعته.
بقلم نورهان محسن
عند ابريل
عادت سلمى إلى غرفة أبريل بابتسامة اتسمت بالحنان والصبر لتراها على حالها فجلست بجوارها وسحبت يدها بين كفيها تربت عليها بلمسات لطيفة منتظرة اعتراضها لكن أبريل ظلت جامدة ولم تظهر أي ردة فعل تخفض عينيها للأسفل فى صمت لتقول سلمي بأقصى ما لديها من حنان يأثر علي مشاعر الأخرى عارفة انك زعلانة مننا .. ان كلنا خبينا عليكي ..
رفعت ابريل عينيها الحمراوتين نحوها تتطلع فيها بنظرات حزينة مليئة بالدموع التي انهمرت على خديها.
نهاية الفصل السادس عشر
رواية_جوازة_ابريل
نورهان_محسن
للموقع الفصل السابع عشر سعادة غامضة رواية جوازة ابريل الجزء الاول بقلم نورهان محسن
ليست كل المشاعر قابلة للمشاركة ولا كل الأفكار قابلة للكتابة ولا كل الأحداث قابلة للسرد ولا كل الهزائم و الإنتصارات قابلة للعرض والتدوين سيبقى داخل كل واحد منا نصيبه من الأسرار التي سيدفنها فى أبعد نقطة بأعماقه ولكن يبقي السؤال هل كل سر نضمره بداخلنا مكتوب أن يبقي سرا للأبد
عند ابريل
رفعت ابريل عينيها الحمراوتين نحوها تتطلع فيها بنظرات حزينة مليئة بالدموع التي انهمرت على خديها واكتفت بالصمت وتجعدت ملامحها في ذهول من دموعها التى تراها للمرة الأولى وأضافت بنبرة آسفة بس انتي ماتعرفيش الموضوع عامل ازاي .. انا عرضت مصطفي لما طلب مننا الطلب دا وحتي باباكي كمان رفض و اټخانق معايا .. بس هو كانت نفسيته مش احسن حاجة في الفترة دي يا ابريل من تجربته ومشاكله مع اهله .. ولما شافك اعجب بيكي وحاول يقرب منك .. بس كان متردد يصارحك بجوازته من حنين
واصلت حديثها بنفس النبرة واحنا لما شوفنا قبول منك ليه بصراحة ماقدرتش اعارض بس شرطت عليه انه مش هيكتب كتابك الا لما يطلق حنين رسمي وحتي انا معايا رقم المحامي اتصلي بيه واتأكدي من كلامي بنفسك لو مش مصدقاني
فرقت
أبريل فمها للسماح للهواء بالتسرب إلى رئتها وحواجبها مجعدة بضيق مررت