رواية الـتــل رانيا الخولي الفصل الثالث
السيارة ودموعها تسيل بصمت مطبق على وجنتيها وجواد ينظر إليها بين الحين والآخر بقلب لهيف
فتلك هي طفلته التي ظل يعتني بها بعد رحيل والدتهم ولم يتركها عبء على أحد
كانت تبلغ من العمر اربعة اعوام وعندما يغلبها الحنين إلى والدتها تذهب الي ابن الثامنة تلتمس منه العزاء فيحتويها بذراعيه ليبثها الحنان التي تفتقده رغم صغر سنه
لا ينكر اهتمام زوجة عمه فايز بهم لكن لن يعوضها عن حنان والدتها ولهذا كان معطاء حنونا معها إلى أقصى درجة
وصلوا إلى المنزل واوقف سيارته أمام الباب الداخلي فيترجل منها ليساعد أخته على الترجل ونادي على حامد
اسرع حامد بالظهور أمامه
_ نعم جنابك.
_ نزل الشنط وډخلها چوه
أخذها وصعد بها للغرفة المقابلة لغرفته وقال بروية
_ نامي دلوجت ومتشليش هم حاچة طول ما انا عايش
ابتسمت له بامتنان وبدالها هو بابتسامة انمحت سريعا وهم بالخروج لكنه توقف عندما تفاجئ بها تقول
_ أنا رايده اسافر لأمي.
دلف جواد غرفة ابنه عندما سمع صوت بكاءه
فوجد حياة تحمله وتحاول تهدئته لكنه لا يستجيب لمحاولاتها
حمحم جواد كي يعلمها بوجوده فيبدو انها لم تسمع طرقه للباب
التفتت له وقد تفاجئت به حقا
فقالت باحراج
تقدم من طفله وهو يبعد بصره عنها وقال بجمود
_ لساته بيعيط
نظرت ليزن بتأثر
_ بيجوم من نومه يعيط شوية ويرچع ينام تاني.
تقدم منها ليأخذه وقال بهدوء
_ روحي انت وانا هفضل معاه
رفعت بصرها إليه لتتقابل أعينهم والتي رآت فيه جمود وصلابة تقينت أن خلفها حزن دفين وحصيلة اعوام كاملة من الشقاء
اهتزت نظراتها وابعدتها فورا وخرجت من الغرفة رغم صعوبة تركها للطفل.
أما هو فنظر إلى ابنه لتظهر ابتسامة لا تعرف الجود وسرعان ما محاها
وكأنه نسى كيف يبتسم
لم يكف طفله عن البكاء وكأنه بيد غريب ويبحث عن الأمان بعيدا عن ذراعيه مما جعل سخطه يزداد عليهم وقد فرقوه عن طفله حتى لم يعد يعرفه بالرغم من انه لم يكن يعرف أحد سواه حتى والدته
فإتخذها جواد فرصة لينعم باحتضانه
ومضات من الماضي مرت بباله عندما كان يستيقظ ليلا على بكاءه وهي نائمة لا تبالي به
لا تريد شيئا يعكر صفو نومها
اما هو فقد كان يسرع إليه ليحمله فيشعر حينها بالأمان ويعود إلى سباته منعما به.
قام بوضعه في مهده وخرج من غرفته ذاهبا لاسطبل الخيل الخاص به كي يسترد هدوءه مع صديقه الوحيد.
فهو وحده من يزيل أمامه قناع الجبروت ويحتفظ فقط بقناع القوة
فلن يكشف عن وجهه الحقيقي إلا وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة
أخرج الحصان من مكانه وخرج به للساحة بعد أن وضع عليه السرج فهز الفرس رأسه دلاله على رغبته بالانطلاق فكشف جواد عن ابتسامة محت جحود عينيه لكنها كعادتها به لم تدوم طويلا وانمحت وهو يربط اللجام ويمطتي الجواد منطلقا به بأقصى سرعته ولم يبخل عليه رماح بقوته وأخذا يصارعان الريح بكل ما أوتي من قوة يجوبا المزرعة.
الڠضب بداخله لا يرأف به وهذه هي طريقته الوحيدة للخلاص منه.
ظل يسرع به حتى خرج منها وتوجه إلى التل ليقف على مشارفه يتطلع إلى بلدته وإلى ذلك القصر المضيء في ظلمة ذلك الليل الذي اسدل ستائره بنجوم تتلألأ في غطاءه
ابتسامة نصر خافته رسمت على وجهه
فقد استرد ما هو له ولم يعد هناك شيء يشغله
سيجعل ذلك القصر صفحة منطوية ولن ينظر لها مرة أخرى.
صهل حصانه الأدهم عندما شد جواد لجامه فيرفع مقدمته في الهواء وفارسه ثابتا منتشيا بنصر أوشك على الأكتمال
عادت توليب بظهرها للوراء بړعب وتمتمت برهبة
_ انت عايز ايه امشي اطلع برة.
نظر إليها برغبة وهو يتفحصها من رأسها حتى اغمص قدميها وتمتم بمكر
_ اطلع برة أيه دا انا ما صدقت وقعتي في ايدي واطمني اخوكي وجوزك أمك مش راجعين دلوقت.
استدارت لتسرع بالهرب إلى إحدى الغرف لكنه سبقها وجذبها إليه
حاولت أن تصرخ وتستنجد بأحد لكنه كتم صوتها بيده وغمغم من بين أسنانه
_ أهدي متخفيش.
نهض الرجل ونظر لتوفيق پغضب وهم بضربه لكن توفيق تفادى ضړبته وسدد إليه ضړبة أخرى ارتدى الرجل على اثرها حتى صدم بالطاولة
وجد الرجل قنينة زجاجية على الطاولة فقام بقڈفها في